تحميل...

ألقى الرئيس أردوغان كلمة في البرنامج الافتتاحي للدورة الوزارية التاسعة والثلاثين للكومسيك

 

قال رئيس الجمهورية السيد رجب طيب أردوغان في كلمة ألقاها خلال مشاركته في افتتاح الجلسة الوزارية التاسعة والثلاثين للجنة كومسيك: "يجب علينا أن نتخذ موقفا واضحا وصريحا ضد سياسات إسرائيل المتعلقة بإخلاء قطاع غزة من سكانها. وهنا أود أن أذكّر مرة أخرى المسؤولين الإسرائيليين الذين لديهم طموحات مختلفة، بهذه الحقيقة. إن غزة أرض فلسطينية. وغزة للفلسطينين؛ وستبقى كذلك للأبد".

شارك الرئيس أردوغان في افتتاح الجلسة الوزارية التاسعة والثلاثين للجنة كومسيك (اللجنة الدائمة للتعاون الاقتصادي والتجاري لمنظمة التعاون الإسلامي)، وألقى كلمة بهذه المناسبة.

وأوضح الرئيس أردوغان في كلمته أن عليهم من الآن أن البدء في الاستعدادات لإعادة إعمار قطاع غزة. مستطردا بالقول: "يجب علينا أن نتخذ موقفا واضحا وصريحا ضد سياسات إسرائيل المتعلقة بإخلاء قطاع غزة من سكانها. وهنا أود أن أذكّر مرة أخرى المسؤولين الإسرائيليين الذين لديهم طموحات مختلفة، بهذه الحقيقة. إن غزة أرض فلسطينية. وغزة للفلسطينين؛ وستبقى كذلك للأبد".

"المؤسسات الإعلامية الدولية لا يمكنها التفوه بكلمة واحدة عن زملائها الذين قتلوا في غزة"

قال الرئيس أردوغان إن التعاون يصبح أكثر أهمية في هذه الأيام التي تشهد فيها الأراضي الفلسطينية المحتلة وخاصة قطاع غزة وحشية كبيرة. مضيفا: "لقد تسارعت وتيرة مجازر إسرائيل التي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول من جديد اعتبارا من مطلع شهر ديسمبر/كانون الأول، بعد انقطاع دام 6 أيام من أجل تبادل الأسرى. وراح ضحية الهجمات الإسرائيلية التي استهدفت المدنيين والمناطق السكنية أكثر من 16 ألف شهيد إلى جانب أكثر من 36 ألف جريح. أسال الله تعالى الرحمة لشهدائنا وأتمنى الشفاء العاجل لإخواننا الجرحى. إن اثنين من كل ثلاثة شهداء في غزة هم من الأطفال والرضع والنساء. كما تجاوز عدد المفقودين في غزة 6 آلاف و500 شخص. ومن بين ضحايا الاضطهاد الإسرائيلي 73 صحفيا وأكثر من 100 مسؤول في الأمم المتحدة. ولا تستطيع حتى الأمم المتحدة التي أنشئت لحماية الأمن والسلام العالميين، أن تحمي موظفيها من همجية إسرائيل، في مثل هذا المشهد. أما عجز القوى التي تدافع عن حقوق الإنسان والحريات، بدءا من أوروبا وصولا إلى أمريكا، فأسوء من ذلك بكثير. حيث أنها تقدم دعما فعليا غير مشروط لإسرائيل لقتل المزيد من الأطفال، وضرب المستشفيات والمدارس والمنازل، وإراقة المزيد من دماء الأبرياء. ولا تتفوه المؤسسات الإعلامية الدولية بكلمة واحدة عن زملائها الذين قتلوا في غزة، ولا يمكنها أن توجه انتقادا لإسرائيل. هذا في الوقت الذي يتشدقون فيه بالديمطراقية والقانون منذ سنوات عديدة. أليسوا هم الذين يتشدقون بحرية الصحافة كلما فتحوا أفواههم؟ إن أولئك الذين يقيمون الدنيا ولا يقعدوها عندما يكون الجاني مسلما، يقفون اليوم بمثابة صم بكم عمي حيال المجازر الوحشية التي ترتكبها إسرائيل".

وأوضح السيد الرئيس أنه ربما يكون الفلسطينيون هم الذين ماتوا جسديا في الهجمات الإسرائيلية، ولكن الذي تهدم بالكامل هو الأيديولوجيات والمعاهدات والبيانات والمبادئ المتغطرسة التي يتبناها كل شخص ومؤسسة ودولة تقف إلى جانب إسرائيل وتدعم هذا القمع أو تلتزم الصمت حياله. مستطردا بالقول: "إن أولئك الذين يحاولون التغاضي عن موت هذا العدد الكبير في قطاع غزة، بل ويحاولون إضفاء الشرعية عليه بحجة حماس، لم يعد لديهم كلمة واحدة يقولونها للإنسانية. نعم، فرغم أننا نعرف النفاق الكامن وراء ذلك، إلّا أننا نشاهد انهيار خطة القرن العشرين بأكملها التي نظرنا إليها بعين التمني على أمل أن تخدم المصلحة المشتركة للبشرية. وعلى الرغم من كل تعليقاتنا، لا يسعنا إلا أن نقول "يا له من عار". لأن السنوات المقبلة ستكون موجعة للغاية وحرجة ودموية ومليئة بالمخاطر شأنها شأن نهاية كل عصر وعملية بناء عصر جديد. ولكن يسعنا أن نحوّل هذه العملية إلى أعظم المكاسب لأنفسنا ولجميع أصدقائنا وإخواننا. ونحن عازمون على العمل بجدية أكبر والكفاح بقوة أكبر من أجل تحقيق ذلك".

"لن نسمح بنسيان مسألة الأسلحة النووية التي اعترفت إسرائيل بوجودها"

أكد الرئيس أردوغان أن غزة كانت بمثابة اختبار حقيقي للنظام العالمي، وأن الأحداث التي جرت منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/ تشرين الأول، أظهر الوجه الحقيقي للعديد من الهياكل بدءا من المنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان وصولا إلى الديمقراطيات الغربية والشركات العالمية. متابعا حديثه بالقول: "لقد فشلت الأمم المتحدة على الصعيد المؤسسي في اختبار غزة. ومع الأسف، تم تخريب الجهود المخلصة التي بذلها الأمين العام السيد غوتيريش من قبل أعضاء مجلس الأمن أنفسهم. حيث كان القرار الذي اتخذته الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية 121 صوتا، خطوة مهمة على صعيد ترجمة ضمير الإنسانية. إلا أن هذا القرار أصبح لاغيا بسبب الهيكل الحالي للأمم المتحدة ولم يكن فعالا في وقف إراقة الدماء".

وأشار رئيس الجمهورية إلى أن إرادة 161 دولة، مع امتناع 40 دولة عن التصويت تم تجاهلها في هذا الصدد. مضيفا: "إن هذا المشهد وحده كافيا لإظهار نوع الفخ الذي وقعنا فيه، كعالم مسلم يبلغ تعداده 2 مليار نسمة. من جانب هناك 121 دولة قالت فلتتوقف الحرب ولا نريد أراقة دماء أكثر. وفي الجانب الآخر هناك 3-5 دول أعطت تفويضا مفتوحا لهجمات إسرائيل. ومتى ما قالت هذه البلدان الثلاثة أو الخمسة حسنا، عندها فقط تكون هناك آلية عالمية تتخذ الإجراءات اللازمة. من المستحيل أن يحقق مثل هذا الهيكل السلام، أو يوقف الصراعات، أو يوفر الأمل للبشرية. إن هذه البنية المشوهة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والتي ظللنا نعبر عنها منذ سنوات بالقول "العالم أكبر من خمسة"، غير عادلة ومختلة في حل الأزمات، لذا ينبغي تغييرها في أسرع وقت ممكن. لا أحد منا ملزم بقبول هذا النظام. ولا أحد منا يمكنه أن يقول "هكذا كان وهكذا يستمر". نحن الآن بحاجة إلى الإعراب عن اعتراضنا بصوت أعلى. ونحن المسلمين نقول: "من الممكن بناء عالم أكثر عدلا". إن النضال من أجل تحقيق هذا الهدف المثالي هو مسؤوليتنا ليس فقط تجاه مواطنينا، بل أيضا تجاه الأجيال المقبلة. وبالطبع، لن ننتظر على الجانب أثناء قيامنا بذلك، بل سنحاول الاستفادة الكاملة من جميع الفرص المتاحة لنا".

وأوضح السيد الرئيس أن منظمة التعاون الإسلامي التي كان هدفها التأسيسي هو الدفاع عن القضية الفلسطينية، توفر لهم أساسا مهما لخوض النضال بصوت واحد وجسد واحد. مستطردا بالقول: "نحن في العالم إسلامي، أوضحنا موقفنا من القضية الفلسطينية في القمة المشتركة الاستثنائية التي عقدت في الرياض مع الجامعة العربية. واتخذنا في تلك القمة قرارات تاريخية بالفعل، بما في ذلك وصف المستوطنين المحتلين بالإرهابيين لأول مرة. لقد ازداد الآن الحديث أكثر من قبل في الساحة الدولية عن أن إسرائيل دولة سارقة إضافة إلى كونها قاتلة. كما عقدت "مجموعة الاتصال لوزراء الخارجية" التي تم تشكيلها في نطاق القمة، عددا من اللقاءات في دول مختلفة. وستستمر هذه اللقاءات حتى تتوقف إراقة الدماء في قطاع غزة. لكنا بحاجة إلى اتخاذ خطوات أخرى أيضا. وأحد هذه الخطوات هو تحميل حكام إسرائيل مسؤولية جرائم الحرب التي ارتكبوها. وبالتأكيد علينا في هذا السياق أن نقيّم خيارات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية. كما أننا لن نسمح بنسيان مسألة الأسلحة النووية التي اعترفت إسرائيل بوجودها".

"علينا من الآن أن نبدأ الاستعدادات لإعادة إعمار قطاع غزة"

شدد الرئيس أردوغان على ضرورة بدئهم الآن في الاستعدادات لإعادة إعمار قطاع غزة. موضحا: "يجب علينا أيضا أن نتخذ موقفا واضحا وصريحا ضد سياسات إسرائيل المتعلقة بإخلاء قطاع غزة من سكانها. وهنا أود أن أذكّر مرة أخرى المسؤولين الإسرائيليين الذين لديهم طموحات مختلفة، بهذه الحقيقة. إن قطاع غزة أرض فلسطينية. قطاع غزة للفلسطينين؛ وستبقى كذلك للأبد. ومن واجبنا في العالم الإسلامي ألا نتنازل ولو عن شبر واحد من أراضي قطاع غزة لإسرائيل المحتلة. ويجب علينا أن نفعل ذلك ليس من أجل إخواننا في قطاع غزة والفلسطينيين فحسب، بل من أجل أمننا وسلامة أراضينا أيضا. نحن ندرك جيدا أن أولئك الذين يحتلون قطاع غزة اليوم سيضعون نصب أعينهم أماكن أخرى غدا مع أوهام ما يسمونها الأرض الموعودة. حتى أنهم لم يعودوا يشعرون الآن بالحاجة إلى إخفاء هذه النوايا. حيث صرّح جزار غزة نتنياهو بنفسه أمام الكاميرات أن القضية ليست غزة أو رام الله، بل هو يسعى إلى أهداف توسعية. لذلك فإن الدفاع عن غزة وفلسطين اليوم يعني؛ الدفاع عن القدس ومكة والمدينة وإسطنبول، ويعني أيضا الدفاع عن دمشق وبيروت وبغداد وغيرها من المدن الإسلامية. ولو انتظرنا وصول النار والألم والصراخ إلى بيتنا، لا سمح الله، فلا شك أن تلك النار ستأتي إلى بيتنا يوما ما. ولكننا إذا تصرفنا بوعي وشعور سليم في إطار كوننا عائلة كبيرة تضم ملياري نسمة من آسيا إلى إفريقيا، ومن أمريكا إلى أوروبا، فلن يتمكن أحد من تهديدنا أو التلويح بإصبعه نحونا".

وأكد السيد الرئيس أن من الضرورة بالنسبة لهم أن يزيدوا تضامنهم مع الشعب الفلسطيني، لاسيما في هذه الأيام الصعبة التي يمر بها إخوانهم هناك. مستطردا بالقول: "نحن في تركيا نحاول إيصال مساعداتنا الإنسانية إلى المنطقة، إضافة إلى جهودنا على الساحة الدولية. وبالتعاون مع الأشقاء المصريين، قمنا حتى الآن بإرسال 12 طائرة محملة بالإمدادات وسفينتي مساعدات مدنية إلى العريش. كما قمنا بتأمين نقل المصابين إلى تركيا، لاسيما الأطفال ومرضى السرطان. وقد قمت شخصيا بزيارة هؤلاء المرضى وشاركناهم آلامهم باسم بلدنا وشعبنا. وكان اجتماع "قلب واحد من أجل فلسطين" الذي تم تنظيمه برعاية عقيلتي وبمشاركة زوجات رؤساء الدول والحكومات وممثلين خاصين من العديد من الدول، يحمل معنى أيضا من حيث إظهار موقف بلدنا في هذا الصدد. ونأمل أن نواصل كل هذه الجهود بطريقة متعددة الأبعاد. لقد أظهرت الأحداث الأخيرة بشكل واضح وجلي مدى أهمية إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة والمتكاملة جغرافيا ضمن حدود عام 1967 وعاصمتها القدس. إن الطريق إلى السلام في منطقتنا يمر عبر إقامة هذه الدولة الفلسطينية. ونحن على استعداد لتحمل جميع أنواع المسؤوليات مع البلدان الأخرى بما في ذلك الضمانة، من أجل إحلال وضمان السلام في هذا الإطار".

"سنواصل بكل عزيمة كفاحنا ضد جرائم الكراهية في مختلف المحافل"

قال الرئيس أردوغان إن الإسلاموفوبيا هي إحدى المشاكل التي تهدد المسلمين وتتصاعد يوما بعد يوم. مضيفا: "يتعرض المسلمون الذين يشكلون الأغلبية الساحقة من السكان المهاجرين في العديد من البلدان الأوروبية كل يوم إلى معاملة جديدة معادية للأجانب وعنصرية وتمييزية ومعادية للإسلام. وهناك تصاعد في الهجمات والتهديدات ضد مواطنينا وممتلكاتهم ومساجدهم في السنوات الأخيرة، لاسيما في دول أوروبا الغربية. حيث تم تنفيذ نحو 500 اعتداء مناهض للإسلام منذ يناير/ كانون الثاني 2023، تم فيها حرق القرآن الكريم، لاسيما أمام سفارات دول منظمة التعاون الإسلامي في أوروبا. وفي الأسبوع الماضي، تعرض ثلاثة شبان يرتدون الكوفية الفلسطينية إلى هجوم بالأسلحة النارية في منتصف الشارع في الولايات المتحدة. ومن الممكن أن نذكر الكثير من الأمثلة في هذا الصدد. وفي الوقت الذي ينتشر فيه العداء للإسلام مثل الطاعون في المجتمعات الغربية، مع الأسف الشديد لا تتخذ الحكومات أي احتياطات في هذا السياق. بل يتم تبرير وشرعنة هذه الأفعال الدنيئة ضد القرآن الكريم تحت ستار "حرية التعبير". لقد رأينا ونرى جميعا، كيف أن أولئك الذين يغضون الطرف عن هذه الهجمات، يتصرفون فجأة بقرارات المنع والحظر عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن حقوق الأبرياء في فلسطين وقطاع غزة".

وأوضح السيد الرئيس أنهم يعلمون جيدا أن من يرددون "حرية الفكر والتجمهر" ليس لديهم في الواقع مثل هذه الشعور. متابعا حديثه: "في الحقيقة، إن الغرض الرئيسي هنا هو استفزاز المسلمين وخلق ما يسمى "مشكلة المسلمين"، تماما كما حدث قبل 85 عاما. لكننا بإذن الله تعالى لن نسمح بحدوث ذلك. ولن نقع في الفخ الذي يريدون أن يستدرجونا ويستدرجون إخواننا إليه. أنا أرى أن من المفيد إعادة التأكيد على أهمية عملنا المشترك ضد جرائم الكراهية هذه كدول أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي. وسنواصل بكل عزيمة وإصرار كفاحنا ضد جرائم الكراهية، سواء على المستوى الثنائي أو من خلال المحافل الدولية".

join us icon
انضم إلينا لنكن أقوى.